• 0 تعليق

الملك (لشد إيل رعيان بن لعذر إيل) ملك قبيلة مهأمر (نجران)

‏هذا النقش، الموسوم بـ (Ṣa-al-Jawf 2)، هو أحد النقوش المكتشفة حديثاً وقد نشرته في مجلة ريدان، العدد (17) لعام 2025م. كُتب هذا النقش بأمر من الملك (لشد إيل ريعان)، ملك مهأمر الواقعة في واحة نجران. النقش مدوِّن بخط المسند واللهجة السبئية، باتباع طريقة خط سير المحراث. تم العثور عليه في مدينة نشان القديمة (السوداء حالياً) بمحافظة الجوف، ويعود تاريخه إلى القرن الخامس قبل الميلاد.

وهذا نص النقش: 
1) ل ش د إ ل / ر ع ي ن / ب ن / ل ع ذ ر إ ل / م ل ك / م ه‍ أ م ر م / ه‍ ق ن ي
2) و د م / م س ن (د) ن / ي و م / ه‍ ع ن ه‍ و / س م ه‍ ع ل ي / ي ن ف / ب ن / ذ م
3) ر ع ل ي / م ل ك / س ب أ / و ه‍ ث ب / م ل ك ه‍ و / و م ح ر ه‍ و / ب ع ل ي
4) ش ع ب ه‍ و / م ه‍ أ م ر م / ب ع ث ت ر / ذ ذ ب ن / و ب / إ ل م ق ه‍ / و ب  / 
5) ذ ت /[ح م ي م / و ب / ذ ت / ب ع د ن م / و ب / س م ه‍ ع] ل ي / و ب / س ب أ

نقل معنى النقش: 
1) لشد إيل رعيان بن لعذر إيل ملك مهأمر أهدى  (المعبود) 
2) ود هذا المسند عندما أعانه، سمه علي ينوف بن ذمار
3) علي ملك سبأ وأعاد ملكه ونصبه (حاكماً) على
4) شعبه مهأمر وذلك بحق عثتر ذي ذبن وبحق إلمقه
5) وبذات حميم وبذات بعدان وبجاه سمه علي وبمكانة سبأ

الإيضاحات: 
هذا الملك (لشد إيل رعيان بن لعذر إيل) ملك مهأمر الواقعة في واحة نجران. وصل إلى مدينة نشان لتقديم إهداء كرسه للمعبود (ود). عندما نجح في إقناع الملك السبئي (سمه علي ينوف بن ذمار علي)، بإصدار مرسوم ملكي يتضمن التعاون الذي حضي به من الملك (سمه علي ينوف) عندما مكنه من استعادة مِلكه ومِلك آبَائه وتنصيبه ملكاً على شعب وقبيلة مهأمر. 
من غير المبالغة القول إن هذا النقش يُعد واحداً من أهم النقوش السبئية، حيث يلقي الضوء على أحد الأحداث السياسية الرئيسية في عهد الملك السبئي (سمه علي ينوف بن ذمار علي) الذي كانت فترة حُكمه حوالي القرن الخامس قبل الميلاد، ومصدراً قيّماً لفهم الأوضاع السياسية والعسكرية لمملكة سبأ والممالك المجاورة لها، ويوفر الإحاطة بمسار الأحداث التي شكلت تاريخ المنطقة.
يُفهم من خلال هذا النقش الأبعاد السياسية من كتابة هذه الوثيقة والتي تشير بكل وضوح إلى أحداث الحملة العسكرية التي شنها السبئيون بدءً من قتبان ومعين ويثل ثم مهأمر وأمير في واحة نجران، كما هو مذكور في النقش (RES 3943). سنعرض الجزء الخاص بذكر معين ومهأمر وأمير، وهذا نصه على النحو التالي: و ي و م / م خ ض / م ع ن م / و م ه‍ أ م ر م / و ه‍ ر ج ه‍ م و / أر ب ع ي / و خ م س ت / أ ل ف م / ذ ب ض ع /٥٠٤٠/ و س ب ي / أ و ل د ه‍ م و / س د ث ي / و ش ل ث ت / أ ل ف م /٣٠٦٠/ و ث ل ل / ق ن ي ه‍ م و / أ أ ب ل م / و ب ق ر م / و ح م ر م / و ق ن ي م / أ ح د / و ش ل ث ي / أ ل ف م /٣١٠٠٠/ و ث ب ر / و خ ر ش / و و ف ط / ر ج م ت / ه‍ ج ر / ل ع ذ ر  إ ل / م ل ك / م ه‍ أ م ر م / و ك ل / أ ه‍ ج ر / ن و ي ت / ر ج م ت م / و ن ج ر ن.. المعنى:. وعندما هاجم معين ومهأمر وأمير وقتل منهم خمسة آلاف وأربعين. في ميدان المعركة، وأسر من أولادهم ثلاثة آلاف وستين، وغِنم ممتلكاتهم من الإبل والبقر والدواب والقنايا من الضأن، واحد وثلاثون ألفاً، ودمر وهدم وأحرق رجمة مدينة (لعذر إيل) ملك مهأمر وكل مدن وقرى إقليم رجمة ونجران( ). 
من خلال ما سبق يُمكن القول أن هذا النقش الذي نحن بصدده يُشكل خلاصة لنتائج الأحداث السابقة، وبداية عهد جديد بعد حملة قاسية تكبدها إقليم رجمة ونجران، والتي كان من أبرز نتائجها عزل الملك (لعذر إيل) وابنه (لشد إيل رعيان) من الحُكم، وتعيين حاكماً آخر يدين لسبأ بالولاء، وكان ذلك في عهد الملك السبئي (يدع إيل بين) الذي حكم قبل أخيه (سمه علي ينوف)، ويُعزز القول ما أورده النقش (RES 4089) الذي عثر عليه في منطقة الأخدود بنجران، وهذا نصه كما يلي: [... ...ر]/ م ل ك / م ه‍ أ م ر م / ب ن ي / ث ب ت / ذ س م و ي /[ب ع ل.... ...][ب ي] د ع إ ل / ب ي ن / و س م ه‍ ع ل ي / ي ن و ف / و ب ي د ع أ ل / ب ي ن / م ل ك / س ب أ / و إ ل ر م / ذ خ ل ل / ه‍ ق (ن)[ي].. المعنى:  [.... ...] ملك مهأمر بنى عرش ذي سماوي، سيّد (معبد) [...] وذلك بجاه ومقام يدع إيل بين وسمه علي ينوف، وبجاه يدع إيل بين، ملك سبأ وإيل رام ذو خليل، أهدى... 
ويستدل مما جاء في النقش قيد الدراسة ورود ذِكر الملك السبئي (سمه علي ينوف بن ذمار علي)، بأن الحملة العسكرية التي تحدث عنها النقش (RES 3943) سالف الذِكر. حدثت في عهد الملك (يدع إيل بيّن) شقيق الملك (سمه علي ينوف)، أو في عهد ابيهما (ذمار علي وتر) وعليه نرجح أن اسم صاحب النقش المدون في بداية النقش المُصاب بالتلف هو اسم (يدع إيل بين) أو اسم والده (ذمار علي وتر)، وإن أحدهما هو من أمر بإخراج الحملة العسكرية على واحة نجران، هذا بخلاف ما تقترحه مدونة النقوش (CSAI)، حيث تشير إلى أن صاحب النقش هو الملك (يثع أمر بين بن سمه علي ينوف)، وهذا الرأي يتعارض مع ذِكر اسم الملك (سمه علي ينوف)، في النقش الذي نحن بصدده، مع الملك (لشد إيل رعيان) وتسوية مسألة استِعَادة مِلْكه ومِلْك آبَائِهِ، قبل وصول الملك (يثع أمر بين بن سمه علي ينوف) إلى سدة بزمن، لذلك يستحال أن يكون (يثع أمر بين) من قاد الحملة ضد الملك (لعذر إيل)، فضلاً عن ذلك مجيء ذِكر اسم الملك (يدع إيل بين بن ذمار علي) مع شقيقه (سمه على ينوف)، في النقش (RES 4089) الذي يثبت سيطرة سبأ على مهأمر مما يعني أن الحملة العسكرية حدثت في هذه الفترة أو قبلها بقليل.
أمّا بخصوص تنصيب الملك (لشد إيل رعيان) ملكاً على مهأمر فمن الواضح أنه بعد انتهاء فترة حُكم الملك السبئي (يدع إيل بيّن) وصعود أخيه (سمه علي ينوف) إلى هرم السلطة، يبدو أن الملك (لشد إيل رعيان بن لعذر إيل) قد استغل هذه الفرصة، وطلب من الملك السبئي (سمه علي ينوف) إعادة النظر حول موضوع إقالة والده الملك (لعذر إيل) من الحُكم وتنصيب شخصاً آخر ملكاً على مهأمر، الأمر الذي شكل له عقبة في الوصول إلى سدة الحُكم بعد أبيه، وبالفعل نجح الملك (لشد إيل رعيان) في إقناع الملك (سمه علي ينوف) بإلغاء قرار الإقالة بل والتعاون معه في استِعَادة مِلْكه وَمِلْك آبَائِه وتنصيبه ملكاً على شعبه مهأمر، بصفته وريثاً شرعياً لتولي منصب الملك بعد ابيه، وعلى هذا الأساس تم كتابة هذه الوثيقة والمرسوم المرفق في الجزء المفقود. 
مع العلم أن الحملة التي سجلها (RES 3943) لم تكن الأولى على هذه المناطق فقد سبقها حملة عسكرية للمكرب السبئي (كرب إيل وتر) في القرن السابع قبل الميلاد، وهذا ما يؤكده لنا نقش النصر الثاني الموسوم بالرمز والرقم (RES 3945/19-20) وهذا الجزء الخاص بالحملة على مهأمر وأمير في نجران:.. و ي و م / م خ ض / م ه‍ أ م ر م / و أ م ر م / و ك ل / أ ش ع ب / م ه‍ أ م ر م / و ع و ه‍ ب م / و ه‍ ج ر ه‍ م و / خ م س ت / أ ل ف م /٥٠٠٠/ و س ب ي / أ و ل د ه‍ م و / ث ن ي / ع ش ر / أ ل ف م /١٢٠٠٠/ و ث ل ل / ب ع ر ه‍ م و / أ أ ب ل م / و ب ق ر م / و ح م ر م / و ق ن ي م / ث ت ي / م أ ت م / أ ل ف م /٢٠٠٠٠٠/ و و ف ط / ك ل / أ ه‍ ج ر / م ه‍ أ م ر م / و ه‍ ب ع ل / ي ف ع ت / و خ ر ش ه‍ / و س ت م خ ض / ك ر ب إ ل / ب ن / ذ ه‍ ب / م ه‍ أ م ر م / ب ن ج ر ن / و ب ض ع / ب ع ل ي / م ه‍ أ م ر م / سَ ل أ م / ل إ ل م ق ه‍ / و ل س ب أ، المعنى:.. وعندما هاجم وكسر مهأمر وأمير وكل قبائل مهأمر وقتل منهم خمسة آلاف وأسر اثني عشر ألفاً من أبنائهم وغنم ماشيتهم من الإبل والبقر والحمير وقنايا الضأن مائتي ألف وأحرق جميع مدن مهأمر واستولى على يفعة ونهبها واستولى كرب إيل على بعض سهول مهأمر المروية في نجران وفرض على مهأمر الجزية لـ إلمقه ولسبأ.

عالم خطــ  المسند 

علي ناصر صوال